٣ أسباب جعلتني أبدأ التدوين

طرح البرفسور سؤالا فلسفيا.. تحضرني إجابة السؤال في الشرع صريحة صحيحة لا تقبل التأويل أو الرد...
بعد صمت يسود القاعة لبرهة، تتكلم إحدى الطالبات ببساطة: دكتور بس هالكلام ما يجوز!

ذكرى تعود بين الحين والآخر عن الصفوف الدراسية الجامعية، كانت كارنيجي ميلون مناخاً مشبعاً بجو النقاش وطرح التساؤل .. سواء بهدف وبلا هدف،.. في الصفوف،.. في قاعة الطعام .. بل حتى في المصلى .. ولا أخفي اشتياقي لهذه الأجواء في بعض الأحيان.. وعلى قدر حبي لها فإني آسى على لحظات آثرت فيها الصمت وعدم إبداء الرأي في مسألة...
صمتي لم يكن بداعي الاقتصاد في الكلام أو بسبب التزام الحياد أو حتى الجهل ... كنت بكل أسف في حالة بين الخوف والحرج... خوف من "فضح" قناعاتي أمام الملأ... بأن القول في الإسلام قول فصل تجب له الطاعة .. الخوف من تصنيفي "متشددا" ... والحرج من أني لم أملك الشجاعة وامتلكها من هي  - ظاهرا على الأقل- أقل مني علما ومعرفة والتزاما ...
أما إذا لم أجرؤ ومضت تلك الساعة، تعذرت لنفسي أن الزمان زمن غربة في الدين يخاف المرء من كلمة يقولها... ولذا كان أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر!... وليس البرفسور عن هذا ببعيد.. عبثاً أقنع نفسي..
ثم تتبدى لي كلمات عمر رضي الله عنه يوم الحديبية:

يا رسول الله ألسنا على الحق؟ وهم على الباطل؟ فعلى ما نرضى الدنية في ديننا؟ 

عاهدت نفسي... ولذا هنا أدون ... فقد ولى زمان الصمت!



ولعلك تتساءل في نفسك: ما شأن التدوين وتجربة خوفك أيها الجبان؟
والجواب أخي المتعجرف، أنك في مدونتي ستجد خليطا من تجربتي الحياتية أو ستجد تلخيصي لفكرة قصة ملهمة أو موضوع مما يهم المسلم الواعي المثقف - وأحسبك كذلك- مع فوائد لغوية/تاريخية مع شيء من الفكاهة .. وبعد أن يضرب هذا الخليط ضربا مبرحا.. سأختم بنوع من التساؤل العميق الذي أود سماع رأيك فيه، فتكتبه في خانة التعليقات بالأسفل.
سؤال هذه التدوينة هو الآتي:


لماذا نحتاج التدوين؟

١ التدوين هو المتنفس لطرح الآراء 

في بعض الأحيان لا نعطي الموضوع حقه لو اكتفينا بـ ٢٨٠ حرفا يقدمها لنا تويتر أو ٦٠ ثانية لطرح المشكلة في قصص انستجرام، لابد من التأني والجلوس والكتابة بهدوء لإعطاء القضية حجمها.

٢ التدوين وسيلة لتقييد الأفكار

كم هي تلك الأفكار التي تأتي ساعة من الليل ... وما إن يبزغ الفجر حتى تكون تلاشت وتبخرت. وكأنها شهرزاد إذ أدركها الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

٣ التدوين لتوثيق القصة

الأيام دول.. يوم لك ويوم عليك.. كذلك قصصك ومغامراتك .. ترويها يوما كأحسن ما تكون القصة من سرد وحكاية، فلما تريدها بعد حين، تخونك العبارة والحبكة والأحداث والمكان والزمان فتفقد رونقها وكأن التجربة التي مررت بها قد جرت مع الريح .. وتكون ساعات أيامك مهدرة..


وأنت... لماذا تدوّن؟

تعليقات